Home

"الشباب الديمقراطي" تودع محمود درويش بمعية الجمعيات الشبابية

هديل كمال الدين تلقى إحدى قصائد درويش

اعتبر المشاركون في حفل التأبين الذي نظمته مساء أمس الأول، جمعيات شبابية للشارع العربي الكبير محمود درويش، أن محمود درويش ''مدرسة ثقافية سياسية شعرية، ومن من يقرأ قصائده السياسية، يقتبس منه علم الثورة وثقافة المقاومة، ومن يقرأ له، قصائد حبه، يتهيأ نحو الصمود والمواصلة''، مشيرين إلى أنه ''رغم أنه كان يقول (لم أكن رجل سياسة) إلا أنه ليس فناناً منعزلاً، بل كان يتابع الحياة السياسية ويتخذ فيها مواقف، أكدت حسه الوطني وصموده المبدئي''.

وكانت الجمعيات الشبابية، قد أقامت حفل التأبين في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي ''وعد'' بمشاركة وحضور مجموعة من الشعراء البحرينيين والمثقفين إلى جانب أعضاء هذه الجمعيات، وذلك تقديرا لدور الشاعر الراحل، الذي برز كظاهرة شعرية فريدة، كونه جمع بين النجومية على المستوى الجماهيري والعمق الفني الذي أبهر النقاد، وخاطب الناس بشعر يناقش مآسيهم، ويجيب على تساؤلاتهم وحمل هموم الإنسان والوطن في شعره وقلبه.
لا نور إلا قمرنا الساطع الذي اجتمعنا لتأبينه
من جهته، قال رئيس جمعية الشباب الديمقراطي محمد مطر في كلمته التي ألقاها نيابة عن الجمعيات الشبابية المشاركة ''اجتمعنا اليوم في ليل، لا نور فيه إلا قمرنا الساطع الذي اجتمعنا اليوم لتأبينه وتوديعه، وهو أحد أبرز شعراء الصمود والمقاومة في الوطن العربي، فهو ملهمها وملهم ثوراته''.
وأضاف مطر أن ''الشاعر الراحل محمود درويش، الذي ولد بقرية البروة بفلسطين العام ,1941 استطاع تطويع الكلمة العربية بصورة جميلة وعذبة، نالت مكانتها في أوساط البسطاء والمثقفين''، مشيراً إلى أن ''درويش، حين يكتب، يرسم مشاهد مسلسلة من الواقع العربي المخزي والأليم، ويمثل وقائع متماثلة في الوطن العربي كله، فهو حين يحن لخبز أمه وقهوة أمه ولمسة أمه يئن معه القلب، وحين يتحدى شد وثاقه ومنع دفاتره ووضع التراب على دمه، تجد نفسك معه في غرفة التوقيف تحت السوط تحت القيد في عنف السلاسل، تردد لحن المقاتل''.
وتابع ''يجول مدينة كل الجروح الصغيرة، باحثاً عن اعتذار، يحلم بعرس الطفولة، بالزنابق البيضاء بغصن زيتون بعبير البرتقال، يحرس سماءه ولا ينحني باحثاً عن طعم السنابل وعطر الجدائل ومذاق الزبيب، ينفض الدخان عن جبهته، ينهض من قاع الأساطير ويخطو نحو المواويل الطويلة''.
وقال مطر إن ''محمود درويش، العاشق المُلهَم والفارس المُلهٍم، بعيداً عن تفاصيل القصيدة، عصفور مترحل بين الشتات، يحمل معه صندوق أحلامه، أينما حط، شاهراً سيف الثورة الذي لا يصدأ ويشحذ منه همم حركات الثورة والتحرر في كل الوطن العربي.
وأضاف ''رغم أنه كان يقول (لم أكن رجل سياسة) إلا أنه ليس فناناً منعزلاً، بل كان يتابع الحياة السياسية يتأثر بها ويتخذ فيها مواقف، أكدت حسه الوطني وصموده المبدئي''.
وتابع ''من يقرأ لمحمود درويش قصائده السياسية، يقتبس منه علم الثورة وثقافة المقاومة، ومن يقرأ له، قصائد حبه، يتهيأ نحو الصمود والمواصلة''، معتبرا أن ''القدرة على الحب، شكل من أشكال المقاومة فمحمود درويش مدرسة ثقافية سياسية شعرية، تأثر بها العديد من الشعراء وتأمل فيها الكثير من الشباب القومي العربي المؤمن بخيار المقاومة والمتفائل بنهجها''.
وختم مطر ''يحاول درويش أن يدق على الأبواب، يبحث عن شباب، يعيد العزة لأمة العرب ويرفع رايات النصر من جديد، يبحث عن فرسان لا يخشون السلاسل''.
درويش ليس أقل شأناً من حبنا لفلسطين
من جهته، قال الفنان والمخرج البحريني خالد الرويعي ''لم أجد غير كلمات الشاعر الراحل محمود درويش لأبدأ بها كلمتي (سلام على من يشاطرني الانتباه إلى، نشوة الضوء، ضوء الفراشة في ليل هذا النفق) برفقتكم الآن، سنتذكر دائماً أن ثمة تواريخ جديدة، تصفحت الأجندة والتقويم لفترة طويلة ثم قالت هنا مات أخي وهنا صديقي وهنا أعز الناس علي، وهنا شاعر أو فنان''.
وتابع ''ترى ما الذي جمعنا الآن؟ هل محمود درويش؟ ربما، وربما لأننا نرى فلسطين، موزعة في أجساد هؤلاء، كلما مات أحدهم، خرجت زفرة منا، كأننا فقدنا الجليل أو غزة أو القدس أحيانا''.
وقال ''سينقبض القلب، لكننا نعلم بأن درويش ليس أقل شأناً من حبنا لفلسطين، وربما هو ذا قدر المبدع عموما والفلسطيني خصوصا، ففي محنة تمتد إلى أكثر من نصف قرن، وجب علينا أن ننحني إجلالا لدرويش ورفاقه، الذين مازالوا ينعشون ذاكرتنا بعد أن أصابها العطب''.
وأضاف الرويعي ''أنا مثلكم ومن جيل بعضكم، لم أشهد انتكاسات وخسارات كبيرة، بالقدر الذي تصفه لنا الأجيال السابقة، لكننا شهدنا أعنف من ذلك، وهو أن ننظر في يد من يحاول أن يصافحنا بدعوى السلام دون أن نبصر الدم''.
وأوضح ''سيقول لنا الآباء كل شيء، وسيقال إننا لم نكن في الهزائم الأخرى، سيقال لنا كل ذلك، لكن كيف نصف إحساسنا بالخيبة والرعب من كل ما يحيطنا، ها زهرة أخرى قد قطفها الموت، هل ثمة غدر ينوي أن يقبلنا هو الآخر، نخاف من غد، لا نعرف مصدره''.
وتابع ''في هذا الوقت، لسنا بحاجة إلى الفتوى أو المواعظ والعبر، أو الشهادات ونصائح (الفاست فود)، الأخبار، البطولات، التاريخ، كل ذلك لسنا بحاجة إليه الآن''.
وقال ''نرغب في المأوى، لكننا مشردون عن ذواتنا، نلملم ما يخرقنا حينا ونداوي ما يجرحنا حينا أخرى، نعلم أن الموت ليس آخر الضيوف ولا أولهم، ثمة موت آخر يحاصرنا يوميا''، مضيفا ''ومع كل هذا الحصار، سيحدونا التفاؤل مرة تلو المرة، ونرى في الكلمات ما يبعث على الطمأنينة''.
ورأى الرويعي أنه ''سيكون من الطبيعي جدا أن يختلط الأمر علينا، فكلما تذكرنا درويش تذكرنا فلسطين، ولا يعد ذلك انتقاصا من قامة درويش الفارعة، لكن قدر درويش أيضاً أن يضعنا بجانب (مديح الظل العالي) وقدره أن نقتفي معه (أثر الفراشة) فهو الذي تربينا على شعره برفقة آخرين، وكان جزءا من حبنا لفلسطين، أننا نحب محمود درويش''.
كما شارك ضمن فقرات حفل التأبين، الشاعر كريم المحروس بقصيدة شعرية، إضافة إلى مشاركة شعرية أخرى للشاعرة البحرينية سوسن دهنيم، كما شارك في الحفل الشاعر البحريني الشاب على الجلاوي بقصيدة أخرى إضافة إلى مشاركات من الشباب الذين رددوا قصائد الشاعر الراحل محمود درويش.
يشار إلى أن الجمعيات المنظمة لحفل التأبين، هي جمعية الشبيبة البحرينية، الشباب الديمقراطي البحريني ملتقى الشباب البحريني إضافة إلى جمعية المستقبل النسائية.
 
صحيفة الوقت البحرينية
الجمعة 22 أغسطس 2008م